رشا عزب/احمد عبد الجليل |
خرج الأقباط أخيرا الي الشارع.. بعيدا عن أسوار الكاتدرائية وبعيدا عن أحضان الكنائس.. قرروا اللجوء الي الناس الذين ينتمون اليهم.. يعبرون عن حقيقة مشاعرهم دون أمر بابوي ودون اشراف كنسي.. الغضب الآن حقيقي أكثر من ذي قبل.. لا يرتبط بحادثة طارئة أو ظرف عاجل.. لكنه مرتبط بقضايا عميقة رسخت صورة سلبية للمصري القبطي بأنه لا يغضب إلا بإشارة من البابا وانه يخشي المواجهة وحيدا.. ومع التحفظات العديدة التي وجهناها الي هاني الجزيري المحرض الرئيسي علي مظاهرة الأقباط في ميدان التحرير منذ أيام، إلا انه حرك مياهاً راكدة، لم يستطع تحريكها كل المستنيرين الأقباط خلال السنوات الماضية.. أكد الجزيري استمرار حركة "أقباط من أجل مصر" في التظاهر والخروج الي الشارع رغم المضايقات التي تعرضوا لها.. كما اشار إلي أن الخروج الي ميدان التحرير لن يكون الأخير، فمن المتوقع ان يتم الدعوة الي التظاهر في مناطق أخري مثل شبرا وعابدين والسيدة زينب.. وهذا الطرح ليس مستغرباً علي هذه الحركة وعلي هاني الجزيري نفسه لانه شارك في تأسيس عدد من الحركات الاحتجاجية مثل كفاية والحملة الدولية من اجل التغيير.. الأهم في مظاهرة التحرير أن جميع الوجوه التي ظهرت فيها وجوه شابة لا نحفظ اشكالها.. لكن الأخطر، انها وجوه قبطية خالصة.. فلم يشارك في مظاهرة التحرير أي ناشط سياسي مسلم، رغم إعلان الجزيري انها مظاهرة سياسية تعرض مطالب فئة موجودة في المجتمع مثل الأئمة والصحفيين والمهندسين.. مع الفارق الجوهري بين الفئة والطائفة. ولذلك طرحنا علي هاني الجزيري عدداً من الأسئلة الشائكة في هذا الملف، ومنها: هل الدعوة الي إنشاء حركة قبطية خالصة تضر بمفهوم المواطنة؟، فقال إن مشكلة الاقباط فرضت نفسها علي المجتمع في الفترة الأخيرة، وبدا ظاهرا أن أقباط المهجر هم المدافعون فقط عن القضية القبطية في الخارج، في الوقت الذي يقف فيه أقباط مصر في الداخل في موقف سلبي والكنيسة تسيطر عليهم، ولا يوجد لهم نشاط سياسي، وكأننا بعيدون عن هذه المشاكل. طرح الجزيري مشكلة جديدة وهي تعرض الاقباط للتمييز داخل المجموعات السياسية ايضا، وهذا ما لمسه بنفسه عندما كان يعقد مؤتمراً سنوياً في نقابة الصحفيين للحملة الدولية ضد الحرب علي العراق، وكانت دائما ما تشهد ندوة المواطنة تجاهلا واضطهادا خاصة من جانب الاخوان المسلمين، إضافة الي عدم حضور المسيحيين أنفسهم لمثل هذه الندوات ومشاركتهم فيها.. ومن هنا بدأ الجزيري يفكر في طرح دعوة الجهاد اللا عنفي علي طريقة غاندي الذي طرد الانجليز من بلاده دون أن يمسك حجراً، باستخدام وسائل عدة بالمقاطعة بالتفاهم، بطلب الحق. مع تحفظنا علي التشبيه والمقارنة.. قلنا له إن هناك فرقاً كبيراً، فغاندي كان يناضل ضد محتل أما الاقباط فيناضلون من أجل حقوقهم داخل وطن واحد.. فقال الجزيري إن الاقباط يناضلون من أجل الاندماج، الذي يأتي بالجهاد لانتزاع حق بالطرق المشروعة التي أقرها الدستور، فنحن أصحاب القضية لا نريد من أحد أن يتحدث بلساننا، هذه هي فكرة حركتنا، التي تدعو الشباب المسيحي الي الاندماج في الحياة السياسية والمشاركة في الاحزاب، ورغم ذلك نجد في الاحزاب تمييزا أيضا، وأنا نموذج علي التمييز داخل المؤسسات الحزبية، أيام عضويتي في الحزب الناصري كنت اتعرض للتمييز من بعض الشباب صغير السن الذين تربوا علي تراث كبير من العنصرية. لم تكن الدعوة الي مظاهرة في ميدان التحرير هي التحرك الوحيد الذي نظمته حركة اقباط من اجل مصر، قبل ذلك دعت الي اضراب عام للأقباط في مصر، لكنه لم يُحدث الدويّ المطلوب، واشار البعض الي فشله، لكن الجزيري أكد انه نجح والدليل علي ذلك أنه أسهم في حدوث حراك سياسي في الشارع المصري، وحالة من الجدل الاعلامي حوله، والذي انقسم ما بين مؤيد ومعارض له، ولابد أن نتذكر أن الاضراب كان يوم جمعة "إجازة"، والذي تم اختياره عن قصد حتي لا يضر أي قبطي في عمله ويعرضه لجزاء، واذا كان في يوم آخر غير الجمعة كانت ستتعامل معهم الدولة بقسوة، إضافة إلي أن الاقباط بطبيعتهم لا يحبون المواجهة، ورغم ذلك تعاونت عدة محافظات في هذا الإضراب كالمنصورة والمنيا. من أبرز الدلائل علي نجاح الاضراب أن الكنائس كانت فارغة من المسيحيين في هذا اليوم، وذلك لان يوم 11 سبتمبر الذي سبق الإضراب كان يوم عيد الناروز وكان الاقباط ليلتها في الكنائس احتفالا بالعيد، كما أننا قمنا باحتفالية صلاة في كنيسة العذراء والبابا كرليس في زرائب عزبة النخل حضرها 7 آلاف قبطي. بالطبع، لم تكن الدعوة الي مظاهرة للأقباط شيئا عاديا، ولذلك تعرض المنظمون الي عقبات عديدة، وسبقها تحضيرات مكثفة، فروي الجزيري رحلة الوصول الي هذا الهدف، وقال إنه بعد الاضراب الاول عقدنا مؤتمراً للأحزاب قبل مؤتمر الحزب الوطني الماضي بنحو 4 أيام، شارك فيه 10 أحزاب منها "الناصري، الوفاق، مصر الفتاة، الجبهة، الاحرار، الغد"، وتضامنت معنا 50 منظمة حقوقية، وكان الهدف منه عرض مطالبنا المتمثلة في إقرار قانون موحد لبناء دور العبادة وإنهاء العمل بجلسات الصلح العرفية وتقديم الجناة الي محاكمة عادلة، والذي لاقي قبولاً من الحاضرين، وأخذنا ملف المؤتمر الممهور بعشرة آلاف توقيع التي تم تجميعها من الإضراب الاول. وفي احداث نجع حمادي، نظمنا مظاهرة في الكاتدرائية للتنديد بالحادث وكان الهدف منها توصيل رسالة للكنيسة مفادها "أن دوركم هو الصلاة والصوم من أجلنا ودورنا هو الاحتجاج من أجل قضيتنا".. وبالنسبة للتحضير للمظاهرة الأخيرة، قال هاني الجزيري إن الهدف الرئيسي هو تنظيم مسيرة سلمية وفي ذكري الاربعين نظمنا مسيرة سلمية الا أن الجهات الامنية منعتنا من السير الي مجلس الشعب لتسليم الملف الذي أعدته الحركة عن العنف الطائفي، وبعد مداولات وافق الأمن علي استكمال مسيرتنا لتقديم الملف أنا و4 أفراد فقط. وعن المضايقات التي تعرض لها المنظمون من قبل الجهات الأمنية والكنسية، فقال استمرت الدعوة للإضراب فترة تزيد علي شهر من 3 أغسطس حتي 11 سبتمبر من خلال موقع الفيس بوك، والاتصال المباشر مع شباب الاقباط. بعد الإضراب في 27 سبتمبر، ولم تجد الكنيسة سوي أن تقف متفرجة في بعض الأحيان، وتشن هجوما حاداً علينا لدرجة أنها تبرأت منا وقالت "احنا منعرفش الناس دي". أما عن المضايقات الأمنية، فقال انه تلقي اتصالا هاتفيا من احد معارفه الذين يتمتعون بعلاقة مع بعض القيادات الأمنية ليبلغوه بضرورة الغاء المسيرة، والاكتفاء بوقفة احتجاجية وذهاب اربعة فقط الي مجلس الشعب لتقديم الملفات التي أعدوها، وعن اسباب غياب بعض المفكرين الأقباط عن فعاليات الحركة، فقال إن كمال زاخر لم يبد أي اعتراض علي الحركة وشارك مرة معنا، أما جمال أسعد فموقفه معروف.. أما نبيل لوقا بباوي فهاجمنا وقال إننا "شوية حشاشين" ورديت عليه وقلت "إن العيب ليس عليك ولكن علي الهيئة التي تتبعها وهي مجلس الشوري فواجبهم أن يحاسبوك علي ما قلته". وعن مصادر الإنفاق علي مركز المليون الذي يديره الجزيري، فقال إن الإنفاق عبارة عن اكتتاب "من جيوبنا الخاصة" وبالنسبة للمركز فلم يصلهم حتي الآن أي عروض ولكن المركز ليس لديه تمويل خارجي -علي حد قوله. وعن علاقة الحركة بحركة أقباط المهجر، فقال انه أحد كتاب «أقباط متحدون» وأن التعاون معهم لا يتعدي تبادل الرسائل ومواقف التأييد من خلال وقفاتهم الاحتجاجية بالخارج. وكان تقييم الجزيري لما حدث بنجع حمادي ان جميع الاقباط يعرفون أن الكموني ليس مرتكب الحادث، ومع ذلك كان هناك تخبط في اداء الكنيسة التي تؤكد دوما أن وظيفتها الصلاة والصوم فقط، وهذا ما جعل للأنبا كيرلس يتعرض للضغط من قبل الجهات الأمنية تارة وشعب الكنيسة تارة أخري مما أوقعه في تناقض كبير. وعن دور جورجيت قليني قال إنها سيدة تدافع عن قضيتها ولا يهمها منصبها، أما عبدالرحيم الغول فنحن نري انه السبب الرئيسي في الحادث. واستبعد الجزيري أن تظهر جماعات قبطية مسلحة في مصر، لأن الشعب القبطي متسامح بطبيعته، ولذلك دافع عن فكرة تأسيس جماعة قبطية في مواجهة الإخوان المسلمين أو الجماعات الإسلامية، وعلي الرغم من أهمية خروج الأقباط من احضان الكنيسة، إلا ان الخوف الذي يسيطر علي الجميع من ظهورها في محله تماما.. فمبادئ المواطنة تنفي وجود جماعات علي اساس ديني أو عرقي.. ولا يمكن ان نقف في وجه مجموعات إسلامية متطرفة وندافع في نفس الوقت عن مجموعة قبطية.. فهذه الحركة اما أن تفتح ابوابا مغلقة أو تزيدها بابا جديدا |
مواضيع مماثلة
بحـث
المواضيع الأخيرة
مظاهرات الأقباط المقبلة في شبرا وعابدين والسيدة زينب
bisso- مدير المنتدى
- عدد الرسائل : 414
العمر : 54
نقاط : 6595
تاريخ التسجيل : 03/02/2008
- مساهمة رقم 1
الثلاثاء أبريل 12, 2011 2:13 am من طرف bisso
» كان لي قلب
الثلاثاء أبريل 12, 2011 2:11 am من طرف bisso
» ما قد كان.. كان
الثلاثاء أبريل 12, 2011 2:10 am من طرف bisso
» طاوعني قلبي.. في النسيان
الثلاثاء أبريل 12, 2011 2:08 am من طرف bisso
» على ترابك مات قلبي .. وانتهى
الثلاثاء أبريل 12, 2011 2:04 am من طرف bisso
» بالرغم منا ... قد نضيع
الثلاثاء أبريل 12, 2011 2:00 am من طرف bisso
» ليتني ........
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:59 am من طرف bisso
» قلب شاعر
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:57 am من طرف bisso
» دعيني.. أحبك
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:55 am من طرف bisso
» في هذا الزمن المجنون
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:52 am من طرف bisso
» هذا عتاب الحب للأحباب
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:51 am من طرف bisso
» هذي بلاد .. لم تعد كبلادي
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:45 am من طرف bisso
» أحزان ليلة ممطرة
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:40 am من طرف bisso
» وأنت الحقيقة لو تعلمين
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:36 am من طرف bisso
» تحت أقدام الزمان
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:35 am من طرف bisso
» بائع الأحلام
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:34 am من طرف bisso
» من قال أن النفط أغلى من دمي
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:30 am من طرف bisso
» في عينيكي عنواني
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:24 am من طرف bisso
» عيناك أرض لا تخون
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:20 am من طرف bisso
» ويضيع العمر
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:15 am من طرف bisso
» ماذا تبقى من أرض الأنبياء
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:12 am من طرف bisso
» أحلام حائره
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:07 am من طرف bisso
» عتاب من القبر
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:06 am من طرف bisso
» بقايا أمنيه
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:05 am من طرف bisso
» قد نلتقي
الثلاثاء أبريل 12, 2011 1:03 am من طرف bisso